صدام الشميرى المشرف العام
عدد الرسائل : 74 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 08/12/2008
| موضوع: تقى الملوك وليث الإسلام (كفوا ألسنتكم عنا) الأربعاء ديسمبر 10, 2008 12:21 pm | |
| السلام عليكم
كنت فى منزل بعض اقاربى وللاسف كما هى العادة فتحوا التلفاز وكان يُعرَض قدراً مسلسل عن صلاح الدين , فتعرض المسلسل لذكر نور الدين زنكى و إنا لله وإنا إليه راجعون, شوهوا صورته, طبعا الظاهر انهم عاملينه متدين ووو, لكن المسلسل مليان بأشياء تشوه صورته, فمثلا فى المسلسل زوجته تتسلط عليه وهو لا حول له ولا قوة, وطبعا زوجته غير محجبة , إلى آخر هذه البلايا, حتى لما تعرضوا لما كان بينه وبين صلاح الدين فى آخر حياته لم ينصفوه لأن صلاح الدين -رحم الله الجميع- هو بطل المسلسل والمخرج عايز كده, طبعا أنا ملأنى الغيظ وحسيت انى هنفجر, فقررت كتابة هذا الموضوع لأبين للإخوة سيرة هذا البطل وعشان أفش غليلي شوية, ونبدأ إن شاء الله:
هو صاحب الشام , الملك العادل, أبو القاسم محمود ولقبه (نور الدين زنكى), ابن الملك عماد الدين زنكى, قال عنه الذهبى فى السير (تقى الملوك وليث الإسلام), ولد فى شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة فى حلب, تعلم القرآن والفروسية والرمى وكان شهما شجاعا ذا حرمة وافرة وديانة بينة, قُتل أبوه على حصار جعبر سنة إحدى وأربعين , فتملك ابنه نور الدين هذا حلب , وابنه الآخر الموصل. قال الذهبى فى السير: (وكان نور الدين حامل رايتي العدل والجهاد , قل أن ترى العيون مثله , حاصر دمشق , ثم تملكها , وبقي بها عشرين سنة. ), وما لا يعرفه الكثير أن قدرا كبيرا من جهاد الفرنج كان منه فهو الملك السابق للملك الناصر صلاح الدين وهو أستاذه ومعلمه, افتتح الكثير من حصون الفرنجة ثم جاء صلاح الدين وواصل الجهاد بعده حتى فتح بيت المقدس, افتتح أولا حصونا كثيرة مثل الراوندان , وقلعة إلبيرة , وعزاز , وتل باشر , ومرعش وأظهر السنة بحلب وقمع الرافضة. وبنى المدارس بحلب وحمص ودمشق وبعلبك والجوامع والمساجد , وسلمت إليه دمشق للغلاء والخوف , فحصنها , ووسع أسواقها , وأنشأ المارستان ودار الحديث والمدارس ومساجد عدة. ومن أفضل أعماله أنه أبطل المكوس, وكان رحمه الله مليح الشكل , ذا تعبد وخوف وورع , وكان يتعرض للشهادة , وبنى دار العدل , وأنصف الرعية , ووقف على الضعفاء والأيتام والمجاورين , وأمر بتكميل سور المدينة النبوية , وكانت الفرنج قد استضرت على دمشق , وجعلوا عليها قطيعة , وأتاه أمير الجيوش شاور مستجيرا به , فأكرمه , وبعث معه جيشا ليُرَدَّ إلى منصبه , فانتصر , لكنه تخابث وتلاءم , ثم استنجد بالفرنج , ثم جهز نور الدين -رحمه الله- جيشا مع نائبه أسد الدين شيركوه , فافتتح مصر ,وهربت منه الفرنج , وقتل شاور , وصفت الديار المصرية لشيركوه نائب نور الدين , ثم لصلاح الدين , فأباد العبيديين , واستأصلهم , وأقام الدعوة العباسية, وكان نور الدين مليح الخط , كثير المطالعة , يصلي في جماعة , ويصوم , ويتلو ويسبح , ويتحرى في القوت , ويتجنب الكبر , ويتشبه بالعلماء والأخيار , ذكر هذا ونحوه الحافظ ابن عساكر , ثم قال : روى الحديث , وأسمعه بالإجازة , وكان من رآه شاهد من جلال السلطنة وهيبة الملك ما يبهره , فإذا فاوضه , رأى من لطافته وتواضعه ما يحيره. حكى من صحبه حضرا وسفرا أنه ما سمع منه كلمة فحش في رضاه ولا في ضجره , وكان يواخي الصالحين , ويزورهم , وإذا احتلم مماليكه أعتقهم , وزوجهم بجواريه , ومتى تشكوا من ولاته عزلهم , وغالب ما تملكه من البلدان تسلمه بالأمان , وكان كلما أخذ مدينة , أسقط عن رعيته قسطا. وقال أبو الفرج بن الجوزي : جاهد , وانتزع من الكفار نيفا وخمسين مدينة وحصنا , وبنى بالموصل جامعا غرم عليه سبعين ألف دينار , وترك المُكوس قبل موته , وبعث جنودا فتحوا مصر , وكان يميل إلى التواضع وحب العلماء والصلحاء , وكاتبني مرارا , وعزم على فتح بيت المقدس , فتوفي في شوال سنة تسع وستين وخمس مائة , وقال الموفق عبد اللطيف : كان نور الدين لم ينشف له لبد من الجهاد , وكان يأكل من عمل يده , ينسخ تارة , ويعمل أغلافا تارة , ويلبس الصوف , ويلازم السجادة والمصحف , وكان حنيفيًّا يراعي مذهب الشافعي ومالك. وقال ابن الأثير : كان أسمر , له لحية في حنكه , وكان واسع الجبهة , حسن الصورة , حلو العينين , وكان لا يأكل ولا يلبس ولا يتصرف إلا من ملك له قد اشتراه من سهمه من الغنيمة , لقد طلبت زوجته منه , فأعطاها ثلاثة دكاكين , فاستقلتها , فقال : ليس لي إلا هذا , وجميع ما بيدي أنا فيه خازن للمسلمين , وكان يتهجد كثيرا , وكان عارفا بمذهب أبي حنيفة , لم يترك في بلاده على سعتها مُكسا . قال سبط الجوزي : كان له عجائز , فكان يخيط الكوافي , ويعمل السكاكر , فيبعنها له سرا , ويفطر على ثمنها!!!!!!!!!!!!! قال ابن واصل : كان من أقوى الناس قلبا وبدنا , لم ير على ظهر فرس أحد أشد منه , كأنما خلق عليه لا يتحرك, وكان يقول : طالما تعرضت للشهادة , فلم أدركها. قال الذهبى فى السير:قال سبط الجوزي : حكى لي نجم الدين بن سلام عن والده أن الفرنج لما نرلت على دمياط , ما زال نور الدين عشرين يوما يصوم , ولا يفطر إلا على الماء , فضعف وكاد يتلف , وكان مهيبا , ما يجسر أحد يخاطبه في ذلك , فقال إمامه يحيى : إنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم يقول : يا يحيى , بشر نور الدين برحيل الفرنج عن دمياط. فقلت : يا رسول الله , ربما لا يصدقني. فقال : قل له : بعلامةِ يومِ حارِم. وانتبه يحيى , فلما صلى نور الدين الصبح , وشرع يدعو , هابه يحيى , فقال له : يا يحيى , تحدثني أو أحدثك ؟ فارتعد يحيى , وخرس , فقال : أنا أحدثك , رأيتَ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الليلة , وقال لك كذا وكذا. قال : نعم , فبالله يا مولانا , ما معنى قوله : بعلامة يوم حارم ؟ فقال : لما التقينا العدو , خفتُ على الإسلام , فانفردت , ونزلت , ومَرَّغْتُ وجهي على التراب , وقلتُ : يا سيدي، مَنْ محمودٌ في البين , الدينُ دينُك , والجُنْدُ جندُك , وهذا اليوم افْعَلْ ما يليق بكرمك. قال : فنصرنا الله عليهم. قال ابن كثير : وأظهر ببلاده السنة وأمات البدعة وأمر بالتأذين بحي على الصلاة حي على الفلاح ولم يكن يؤذن بهما في دولتي أبيه وجده وإنما كان يؤذن بحي على خير العمل لأن شعار الرفض كان ظاهرا بها وأقام الحدود وفتح الحصون وكسرالفرنج مرارا عديدة واستنقذ من أيديهم معاقل كثيرة من الحصون المنيعة التي كانوا قد استحوذوا عليها من معاقل المسلمين, قال ابن الأثير لم يكن بعد عمر بن عبدالعزيز مثل الملك نور الدين, ولا أكثر تحريا للعدل والإنصاف منه, قال ابن كثير: (وكذلك كانت زوجته عصمت الدين خاتون بنت الأتابك معين الدين تكثر القيام في الليل فنامت ذات ليلة عن وردها فأصبحت وهي غضبى فسألها نور الدين عن أمرها فذكرت نومها الذي فوت عليها وردها فأمر نور الدين عند ذلك بضرب طبلخانة في القلعة وقت السحر لتوقظ النائم ذلك الوقت لقيام الليل وأعطى الضارب على الطبلخانة أجرا جزيلا وجراية كثيرة), وذكر ابن الأثير أن الملك نور الدين ذات يوم رأى رجلا يحدث آخر ويومئ إلى نور الدين فبعث الحاجب ليسأله ما شأنه فإذا هو رجل معه رسول من جهة الحاكم وهو يزعم أن له على نور الدين حقا يريد أن يحاكمه عند القاضي فلما رجع الحاجب إلى نور الدين وأعلمه بذلك ألقى الجوكان من يده وأقبل مع خصمه ماشيا إلى القاضي الشهرزوري وارسل نور الدين إلى القاضي أن لاتعاملني إلا معاملة الخصوم فحين وصلا وقف نور الدين مع خصمه بين يدي القاضي حتى انفصلت الخصومة والحكومة ولم يثبت للرجل على نور الدين حق بل ثبت الحق للسلطان على الرجل فلما تبين ذلك قال السلطان إنما جئت معه لئلا يتخلف أحد عن الحضور الى الشرع إذا دعي, ثم قال السلطان فاشهدوا أنى قد وهبته له (يعنى الملك المتخاصم عليه), وقال له يوما قطب الدين النيسابوري بالله يا مولانا السلطان لا تخاطر بنفسك فإنك لو قتلت قتل جميع من معك وأخذت البلاد وفسد حال المسلمين فقال له اسكت يا قطب الدين فإن قولك إساءة أدب على الله ومن هو محمود من كان يحفظ الدين والبلاد قبلي غير الذي لا إله إلا هو ومن هو محمود قال فبكى من كان حاضرا رحمه الله, قد سُمع عليه جزء حديث وفيه ( فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) متقلدا السيف ) فجعل يتعجب من تغيير عادات الناس لما ثبت عنه عليه السلام وكيف يربط الأجناد والأمراء على أوساطهم ولا يفعلون كما فعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم أمر الجند بأن لا يحملوا السيوف إلا متقلديها ثم خرج هو في اليوم الثاني إلى الموكب وهو متقلد السيف وجميع الجيش كذلك يريد بذلك الإقتداء برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فرحمه الله, وقال ابن كثير: (وذكر أنه لما فتح أسد الدين الديار المصرية ثم مات ثم تولى صلاح الدين هم بعزله عنها واستنابة غيره (حدث بينه وبين صلاح الدين أشياء رحم الله الجميع) فيها غير مرة ولكن يعوقه عن ذلك ويصده قتال الفرنج واقتراب أجله فلما كان في هذه السنة وهي سنة تسع وستين وخمسمائة وهي آخر مدته أضمر على الدخول إلى الديار المصرية وصمم عليه وارسل إلى عساكر بلاد الموصل وغيرها ليكونوا ببلاد الشلام حفظا لها من الفرنج في غيبته ويركب هو في جمهور الجيش إلى مصر وقد خاف منه الملك صلاح الدين خوفا شديدا) و لكنه لما جاء عيد الفطرمرض مرضه الاخير وأصيب بخوانيق فى الحلق, ثم مات يوم الأربعاء الحادي عشر من شوال من هذه السنة عن ثمان وخمسين سنة مكث منها في الملك ثمان وعشرين سنة رحمه الله وصُلِى عليه بجامع القلعة بدمشق, ويلقب بالقسيم وكانت الفرنج تقول له القسيم ابن القسيم وقد رثاه الشعراء بمراث كثيرة , وقال حسان الشاعر الملقب بالعرقلة في مدرسة نور الدين لما دفن بها رحمه الله تعالى: ومدرسة ستدرس كل شيء ... وتبقى في حمى علم ونسك تضوع ذكرها شرقا وغربا ... بنور الدين محمود بن زنكى يقول وقوله حق وصدق ... بغير كناية وبغير شك دمشق في المدائن بيت ملكى ... وهذي في المدارس بنت ملكي رحم الله الليث تقى الملوك, وأعاد لنا زمان الرجال, | |
|